شرح قصيدة الربيع للبحتري أتاكَ الرَبيعُ الطلقُ يَختالُ ضاحِكًا

البحتري هو واحد من الشعراء العرب، اشتهر في العصر العباسي، وهو واحدًا من أشهر شعراء العصر العباسي، وقيل عن شعره أنه سلال ذهب، ولد في سوريا، واسمه هو (أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التّنوخِي الطائِي) والبحتري تعني (قصير القامة)، ومن خلال موقع لحظات نيوز سوف نعرض لكم شرح واحدة من أفضل قصائد البحتري (الربيع) أتاكَ الرَبيعُ الطلقُ يَختالُ ضاحِكًا.
شرح قصيدة الربيع للبحتري
نظم البحتري قصيدة كاملة تسمى (الربيع) ويقال أنه كانت لمدح (الأمير أبو القاسم)، وقال البحتري في مطلع قصيدته:
أَكانَ الصِبا إِلّا خَيالاً مُسَلِّما
أَقامَ كَرَجعِ الطَرفِ ثُمَّ تَصَرَّما
أَرى أَقصَرَ الأَيّامِ أَحمَدَ في الصِبا
وَأَطوَلَها ما كانَ فيهِ مُذَمَّما
وهذه الأبيات تعني (حكمة للقارئ)، فكانت قصائد هذا العصر يبدأ افتتاحها بالحكم، ويتكلم فيها البحتري على أيام الصبا وأيام الشباب، وأنها فترات قصيرة تمر في طرفة عين، ويتعجب كيف تكون الأيام السعيدة قصير جدًا، بينما الأيام التعيسة والقاسية تكون طويلة،
وَيُكمِل البحتري أبياته، ويقول:
أَتاكَ الرَبيعُ الطَلقُ يَختالُ ضاحِكًا
مِنَ الحُسنِ حَتّى كادَ أَن يَتَكَلَّما
وَقَد نَبَّهَ النَوروزُ في غَلَسِ الدُجى
أَوائِلَ وَردٍ كُنَّ بِالأَمسِ نُوَّما
يُفَتِّقُها بَردُ النَدى فَكَأَنَّهُ
يَبُثُّ حَديثًا كانَ أَمسِ مُكَتَّما
وفي هذه الأبيات كان جاء فصل الربيع ومن خلفه جمال الطبيعة الساحرة، ليشعر الإنسان أن كل ذلك الجمال سينبعث من تحت الأرض، وكان يتحدث عن عيد “النوروز” وهو عيد كان عند الفرس قديمًا، وكان يقول أن بداية السنة الشمسية الجديد (شهر الربيع)، جاءت حتى تيقظ الورد النائم في سبات الشتاء،
وتكتمل الأبيات بقول:
وَمِن شَجَرٍ رَدَّ الرَبيعُ لِباسُهُ
عَلَيهِ كَما نَشَّرتَ وَشيًا مُنَمنَما
أَحَلَّ فَأَبدى لِلعُيونِ بَشاشَةً
وَكانَ قَذًى لِلعَينِ إِذ كانَ مُحرَما
ويبدي البحتري في هذا المقطع إعجابه، بكيفية استطاعة فصل الربيع بأن يعيد الطبيعة لزينتها واخضرارها، بعد جرد الشتاء، فجاء الربيع ليعطى الأرض زينة وجمال حتى يُسَرُّ من ينظر إليها،
وزاد الأبيات جمالًا في:
وَرَقَّ نَسيمُ الريحِ حَتّى حَسِبتَهُ
يَجيءُ بِأَنفاسِ الأَحِبَّةِ نُعَّما
فَما يَحبِسُ الراحَ الَّتي أَنتَ خِلُّها
وَما يَمنَعُ الأَوتارَ أَن تَتَرَنَّما
ويقول البحتري في هذه الأبيات، أنّ النسيم صار رقيقًا، يجعل الإنسان يظن بأن أحباءه قادمين، ويقول البحتري أنه الجو الأنسب إلى اللهو وسماع الألحان، وشدة السعادة.
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة إذا غامرت في شرف مروم للمتنبي
وينهي البحتري قصيدته ويقول:
وَما زِلتَ شَمسًا لِلنَدامى إِذا انتَشوا
وَراحوا بُدورًا يَستَحِثّونَ أَنجُما
تَكَرَّمتَ مِن قَبلِ الكُؤوسِ عَلَيهِمُ
فَما اسطَعنَ أَن يُحدِثنَ فيكَ تَكَرُّما
ويتحدث البحتري في إنهاء أبياته الشعرية، حول توجيه الكلام للممدوح (الأمير)، ويقول له أنه كالشمس للناس، فالشمس تضيء للناس الدنيا، بينما هو يتسبب في نشر السعادة، وأنه فاق ذلك وفاق كل الناس في الكرم.
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة الفردوس المفقود وأبرز المعاني المميزة بها
الصور الفنية في قصيدة البحتري
هناك بعض الصور الفنية التي تحمل الاستعارة المكنية التي أظهرها البحتري في قصيدته السابقة، والتي منها:
- الربيع يختال: وهي استعارة مكنية، فقد شبّه البحتري في هذا البيت الربيع بإنسان يختال في مشيته.
- نبّه النوروز: وهي استعارة مكنية، وفيها شبه عيد النوروز الخاص بالفرص، بأنه إنسان ينبه البشر.
- يفتّقها برد الندى: وهي استعارة مكنية، شبه بها البحتري برد الندى، بالإنسان الذي يُفتّق (وهي بمعنى يفتح ويشقّ).
اقرأ أيضًا: شرح قصيدة إيليا أبو ماضي (يا شاعري) كاملة
أفكار قصيدة الربيع
احتوت قصيدة البحتري على العديد من الأفكار الرئيسية، ومن هذه الأفكار:
- جمال أيام الصبا والشباب، وقسوة الحياة فيما بعد.
- جمال الطبيعة الساحرة التي يظهرها فصل الربيع.
- يأتي الربيع باللون الأخضر للطبيعة.
- أجمل أوقات العام هو وقت الربيع، الذي يأتي للهو والمرح.
- الشخص الممدوح، أهمية وجوده في حياة الناس، وأنه من أكرم البشر وأحسنهم.
وبذلك نكون انهينا مقالنا عن قصيدة الربيع، للشاعر البحتري، وهو شاعر من العصر العباسي، وقيل أن هذه القصيدة مدح بها الأمير أبو القاسم، لكرمه وحسن أخلاقه، وأيضًا البحتري مدح في هذه القصيدة فصل الربيع، وكيف يستطيع الربيع مسح كل الهم والحزن من وجوه البشر.