تتجه الأنظار في العالم اليوم نحو التكنولوجيا وتأثيرها المتزايد على حياة الأفراد، وفي هذا السياق كشفت دراسة أجرتها منظمة “الحلفاء الذكور في المملكة المتحدة” عن ظاهرة جديدة بين المراهقين في المدارس البريطانية، حيث أظهرت النتائج أن أكثر من ثلث الطلاب في المدارس الثانوية أصبحوا يميلون إلى فكرة وجود “صديق” من الذكاء الاصطناعي، وقد أثار هذا الأمر جدلاً واسعًا حول تطور العلاقات الإنسانية في عصر التكنولوجيا الحديثة.
المراهقون اليوم يقومون باستخدام روبوتات الدردشة لأغراض متنوعة، بما في ذلك البحث عن نصائح نفسية والتواصل حول مشاعرهم الشخصية، وبعضهم يدخلون في تجارب رومانسية مع هذه الروبوتات، حيث يجدون فيها ملاذًا من الضغوطات اليومية، تتضح نتائج الدراسة من خلال ردود أفعال 37 مدرسة في إنجلترا واسكتلندا وويلز، حيث يعتبر نحو 53% من الطلاب أن العالم الافتراضي يقدم لهم ما لا يستطيعون الحصول عليه في الواقع، وقد اعتادوا السهر حتى ساعات الفجر للدردشة مع هذه الروبوتات، ما يعكس احتياجهم للقبول والأمان في حياتهم.
ومع ذلك، فإن التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة تثير القلق، فبعض الطلاب لاحظوا تغيرات ملحوظة في شخصياتهم، مع ميل إلى الانعزال وانفصال عن الواقع، مما يطرح تساؤلات حول كيفية توجيه المراهقين للتوازن بين التفاعل الرقمي والعلاقات الحقيقية، إذ تشير النتائج إلى أن هذه العلاقات قد تؤدي إلى عزلة اجتماعية وفقدان مهارات التواصل الطبيعي، بالإضافة إلى تشكيل مفهوم خاطئ للعلاقات الإنسانية بما يجعلها تبدو مثالية مقارنة بالواقع.
لحماية الشباب من المخاطر المحتملة الناتجة عن هذه العلاقات مع الذكاء الاصطناعي، ينبغي اتباع بعض النصائح المفيدة، من خلال بدء حوار مبكر مع الأبناء حول الذكاء الاصطناعي، ومراقبة استخدامهم لهذه التكنولوجيا بشكل لا يثير الشكوك، مع تشجيعهم على بناء صداقات حقيقية تعزز التواصل الإنساني، بالإضافة إلى مراقبة الإشارات الدالة على التغيرات السلبية في السلوك، وكذلك طلب المساعدة النفسية عند الحاجة.
تقدم هذه الدراسة رؤية جديدة حول كيفية تأثير التكنولوجيا على العلاقات الإنسانية، ورغم الفوائد التي قد تحملها للمتعلمين في مجالات الدعم والشرح، إلا أنها تطرح تساؤلات خطيرة حول المشاعر الإنسانية وكيفية الحفاظ عليها في ظل التقدم المستمر للذكاء الاصطناعي، مما يستدعي تفكيرًا عميقًا حول طابع علاقاتنا في المستقبل.

 








