أكدت الدكتورة ميرفت السيد، مديرة المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة بالإسكندرية، أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل لحظة تاريخية فريدة لبلد يشتهر بتراثه الثقافي، فالحدث ليس مجرد استعراض لآثار الماضي، بل هو تجسيد لدور مصر الريادي في مجالات العلم والطب، حيث تذكرنا رسالته بأن الحضارة المصرية قد أسست لعالم المعرفة والصحة.
تُعتبر برديات الطب الفرعوني، مثل بردية إيبرس القديمة، من بين أقدم النصوص الطبية التي توثق خبرات المصريين القدماء في مجال العلاج، إذ تحتوي هذه البردية على أكثر من 700 وصفة علاجية لأمراض متنوعة، واحتوت أيضًا على استخدامات مواد طبيعية مثل العسل والثوم، مما يعكس عمق الفهم الطبي لدى المصريين القدماء وتأثيره على الطب الحديث.
تتميز بردية سميث الجراحية بأنها توثق خطوات العلاج وفق منهجية علمية متقدمة، وقد قام الأطباء المصريون القدماء بتصنيف الحالات بين القابلة للعلاج وغير القابلة، مما يُظهر مدى احترافية الطب في تلك الحقبة، فقد كانت هذه الوثيقة مهدًا لتطوير العلوم الطبية عبر العصور.
طرحت الدكتورة ميرفت أيضًا مفهوم الطب كممارسة مقدسة، حيث اشتهر إمحوتب كأول طبيب معروف أسس أول مستشفى، واحتوت مصر القديمة على أول طبيبة، وهي “بسشيت”، التي آثرت تعليم النساء. يُعتبر هذا الإرث دليلاً على أهمية دور المرأة في المجال الطبي.
أشارت مديرة المركز إلى أن المتحف المصري الكبير لا يقدم مجرد آثار بل يضم أدوات طبية قديمة مثل المشارط البرونزية، مما يعكس فهماً عميقاً للتشريح والنظافة، فقد كان التحنيط محورًا علميًا يعتمد على تقنيات الحفظ، ما يجعل من المصريين القدماء رواداً في علم الطب.
أوضحت الدكتورة ميرفت أن الطب الحديث في مصر هو استمرار لتراث عريق، حيث تشهد البلاد اليوم على إنجازات طبية متعددة. إذ تربط “مبادرة 100 مليون صحة” بين التاريخ والممارسات الطبية الحديثة، مما يعكس قدرة الطب المصري على التطور مع الاستمرار في الحفاظ على تراثه الغني.
اختتمت تصريحها بالإشارة إلى أن افتتاح المتحف المصري الكبير هو احتفال بتراث العقل المصري، ودعوة للعالم للاعتراف بمصر كمهد للطب، فالبرديات القديمة تمثل أهمية كبرى في رحلة تطور العلوم الطبية، مؤكدة أن مصر ستظل منارة للمعرفة والابتكار في هذا المجال.
