تُعتبر صناعة التكنولوجيا في الآونة الأخيرة في ذروة نشاطها، حيث تشهد العالم طفرة غير مسبوقة في الاستثمار بمجال الذكاء الاصطناعي، ورغم التحذيرات المتكررة بشأن احتمال ظهور “فقاعة” تكنولوجية جديدة، إلا أن ذلك لم يمنع الشركات من ضخ المزيد من الأموال في البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي، مما يؤكد أن هذا المجال ليس مجرد اتجاه عابر، بل تحول ثوري حقيقي.
في حدث بارز، أصبحت شركة إنفيديا الرائدة في إنتاج رقاقات الكمبيوتر هي الأولى في التاريخ التي تتجاوز قيمتها السوقية خمسة تريليونات دولار، ومع تصاعد شراكتها مع شركة OpenAI، تبرز كذلك مايكروسوفت كمحور للأحداث بدورها في التمويل وتوسيع قدرات الذكاء الاصطناعي، في تلك الأثناء، تُظهر أمازون قوة قطاعها السحابي على الرغم من تسريحها 14 ألف موظف، ما يعكس التحول إلى الذكاء الاصطناعي ليكون القيمة الأساسية للمنافسة.
يتضح من خلال هذه التطورات المتسارعة أن الذكاء الاصطناعي يتحول ليصبح القوة المحركة لاستثمارات الشركات العالمية، ويعتبر العامل الأساسي لانتعاش الأسواق المالية، ورغم الجدل حول استدامة هذا النمو، فقد أحدث تأثيراً واسع النطاق على الواقع الاقتصادي، يظهر ذلك بوضوح في نتائج الأعمال المحققة خلال الأشهر الأخيرة.
ومن المثير للاهتمام أن نهضة الذكاء الاصطناعي لم تعد محصورة في شركات التكنولوجيا فقط، بل بدأ العديد من الشركات من مختلف القطاعات تشمل الطاقة والصناعة في الانضمام إلى هذا السباق، فقد أظهر نحو 100 شركة غير تكنولوجية خلال الإفصاحات الأخيرة أنها تستثمر في “مراكز البيانات”، مما يبرز أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تكنولوجيا، بل هو منظومة متكاملة تعكس مستقبل الاستثمار العالمي.
تشير شركة Caterpillar، الرائدة في صناعة المعدات الثقيلة، إلى أنها حققت نموًا بنسبة 31% في قسم توريد محركات مراكز البيانات، حيث أكد رئيسها التنفيذي أن هناك فرصًا هائلة في هذا المجال، مما يُظهر كيف أن سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي تشمل مجالات متعددة، مما يتيح للمستثمرين النظر إلى “المنظومة الكاملة” التي تسهم في تطور هذا القطاع الثوري.
تتوقع جولدمان ساكس أن يصل الإنفاق العالمي على بنية الذكاء الاصطناعي إلى ما بين 3 و4 تريليونات دولار بحلول عام 2030، مما يشير إلى مدى التأثير الكبير الذي سيحدثه هذا المجال على الاقتصاد العالمي، وهو ما يستدعي انتباه المستثمرين وصناع القرار، إذ يأتي هذا الإنجاز ضمن سياق نمو سريع بالاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير بنيته التحتية.
