يتغير مشهد التوظيف بشكل ملحوظ بفعل التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تعيد العديد من الشركات النظر في استراتيجياتها في التوظيف، وفقاً لاستطلاع عالمي حديث أجرته ماكينزي، توقعت نحو 30% من المؤسسات توظيف عدد أقل من الموظفين المبتدئين في العام المقبل نتيجة لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والأتمتة، مما يبرز الحاجة الملحة للشركات لتكييف مهارات القوى العاملة.
أظهر التقرير الاستقصائي أن العديد من الشركات بدأت بإعادة توجيه تركيزها نحو دمج الذكاء الاصطناعي ضمن الوظائف الأساسية، ورغم أن التبني لا يزال متفاوتًا، أشار ثلثا المشاركين في الاستطلاع إلى أن مؤسساتهم لم تُوسّع نطاق الذكاء الاصطناعي كأداة فعالة بعد، بل لا تزال في مرحلة الاختبار، مما يشير إلى مقاومة بعض المؤسسات للتحول الرقمي.
ازداد الفضول تجاه وكلاء الذكاء الاصطناعي، والذين يتمكنون من التخطيط وتنفيذ المهام بشكل مستقل، حيث أفاد 62% من المشاركين بتجريب الشركات لهذا النوع من التكنولوجيا، بينما بدأ 23% منهم في توسيع نطاق استخدامهم في جانب من جوانب العمل، مما يدل على أهمية هذا الابتكار في مجالات التكنولوجيا والاتصالات والرعاية الصحية.
فيما يتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف، تختلف التوقعات بين الشركات، إذ يتوقع حوالي ثلثها انكماش حجم القوى العاملة نتيجة لهذا التحول، بينما يتوقع 43% عدم حدوث أي تغيير، بينما يتوقع 13% ظهور وظائف جديدة، وهذا يعكس تنوع الرؤى حول كيفية إدارة التحولات الناتجة.
تظهر بيانات ماكينزي أيضًا وجود موجة جديدة من التوظيف، خاصة في ظل المهارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، حيث قامت العديد من الشركات الكبرى بإضافة وظائف جديدة مثل مهندسي البرمجيات وعلماء البيانات، مما يشير إلى أن الطلب على المواهب التخصصية لم يتأثر، بل قد يتزايد في المستقبل القريب، وهذا يعد دليلاً على الحاجة الحيوية للتكيف مع المتغيرات التقنية.
تشير الدراسات إلى أن الشركات القادرة على تحقيق “أداء عالي” من خلال الذكاء الاصطناعي لا تركز فقط على خفض التكاليف، بل تتجه نحو الابتكار والنمو، وتعمل معظم هذه الشركات على إعادة تصميم سير العمل وتوسيع نطاق مبادرات الذكاء الاصطناعي في جميع أعمالها، وهذا يبرز أهمية أن تكون المؤسسات قادرة على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي كأداة تحول.
على الرغم من أن الفوائد المالية للذكاء الاصطناعي لا تزال تحتاج إلى مزيد من الوقت لتتحقق على مستوى المؤسسات، إلا أن 64% من المشاركين أشاروا إلى تحسين مستوى الابتكار في استخدامهم للذكاء الاصطناعي، بينما يرى البعض أيضًا تحسن في رضا العملاء، مما يعكس أهمية تلك التقنية في الحفاظ على تنافسية المؤسسات.
تؤكد ماكينزي أن الشركات الأكثر نجاحًا في استخدام الذكاء الاصطناعي تتمتع بقيادة قوية تدعم الاستخدام الفعّال لهذه التكنولوجيا، حيث تستثمر هذه الشركات بشكل كبير في تطوير المواهب والبنية التحتية الخاصة بها، وينفق أكثر من ثلث هذه الشركات عالية الأداء أكثر من 20% من ميزانياتها الرقمية على مبادرات الذكاء الاصطناعي.