مسجد شيخ العرب همام في صعيد مصر.. تحفة معمارية تعاني من التآكل

يُعتبر مسجد شيخ العرب همام في مدينة فرشوط بمحافظة قنا، واحدًا من أبرز المعالم التراثية في صعيد مصر، إذ يمتد تاريخه لأكثر من 250 عامًا، ويعكس حقبة مهمة من التاريخ المصري، ويبرز دور الأمير همام بن يوسف المعروف بلقب شيخ العرب في القرن الثامن عشر. يُعتبر هذا المعلم رمزًا للقوة الشعبية والهوية الثقافية في ذلك الزمن.

تؤكد النقوش على المدخل الخشبي للمسجد أن بناءه بدأ عام 1171 هـ/1757 م، وهناك روايات تشير إلى اكتماله في العام التالي، ويجسد المسجد مزيجًا فريدًا من الفنون المعمارية، إذ يتكون من صحن مكشوف محاط بأروقة ذات تصميم دقيق، حيث تجتمع جدرانه المصنوعة من الطوب المحروق والحجر لتشيد مكانًا مميزًا في التاريخ المعماري للصعيد.

ويجمع الدكتور محمود مدني، الباحث في آثار الصعيد، بين أهمية المسجد الدينية والتراثية، موضحًا أنه لا يقتصر على كونه مكانًا للصلاة فحسب، بل يعبر عن الهوية الثقافية للمنطقة، وقد ساهم في تعزيز الروح الجماعية في زمنه، علاوة على أن المسجد يحمل نقوشًا وزخارف توثق قصيدة البردة، ما يعكس الجوانب الإنسانية لهذا الأثر.

يتميز المسجد بمئذنته الطوبية ذات الثلاثة طوابق، والتي تضفي جمالًا خاصًا بفضل شرافاتها الخشبية، وإضافة إلى ذلك، تتوج قبة خشبية ذات زخارف جميلة وإطلالتها الفريدة على المنطقة، ورغم قيمته التاريخية، إلا أن المسجد يواجه خطر التآكل بسبب الرطوبة وتأثير الحشرات، مما يستدعي ترميمًا دوريًا للحفاظ على كونه جزءًا من التراث المادي.

مما لا شك فيه، يمثل مسجد شيخ العرب همام مصدرًا غنيًا للباحثين في فنون العمارة العثمانية، ويعد فرصة لتطوير سياحة تراثية في فرشوط، بما يساهم في تعزيز الوعي بتاريخ المنطقة وتوثيق تأثيراتها الثقافية، لذا فإن الاهتمام بهذا المعلم يجب أن يكون متزايدًا لضمان استدامته للأجيال القادمة.

ينبغي أن يبقى مسجد شيخ العرب همام رمزًا لجمال الإبداع المعماري في القرن الثامن عشر، وقدرته على دمج الروحانية بالجمال الفني، ما يستدعي مزيدًا من الجهود للحفاظ عليه كجزء أصيل من هوية صعيد مصر الثقافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

⚡ أدوات سريعة

الأقسام