تعد قرية الشيخية بمركز قفط محافظة قنا، رمزًا للحفاظ على التراث الثقافي، إذ تشهد منذ قرابة القرن فعاليات مرماح الخيل والتراثية، وهو تقليد متجذر في نفوس أبناء القرية الذين يحرصون على تربية الخيول والمشاركة في هذه السباقات، مما يعزز من أواصر الترابط الاجتماعي المتوارث عبر الأجيال، حيث يشارك فيها الصغار والكبار على حد سواء.
تقام هذه الفعالية سنويًا في موعد محدد، لتجمع أهالي القرية والقرى المجاورة في أجواء تعكس عمق الانتماء للتقاليد والعادات الأصيلة، وتشهد القرية توافد أعداد كبيرة للمشاركة في ألعاب مرماح الخيل والتحطيب، مما يعكس استمرار هذا التراث وتداوله عبر الأجيال، وبذلك تصبح الشيخية محط أنظار عشاق الفروسية من جميع أنحاء منطقة جنوب الصعيد.
يروي علي محمد، أحد سكان القرية، أن هذه الفعالية تسبق موسم حصاد القمح، مشيرًا إلى أن جده العمدة بغدادي عبد الله كان من أوائل الداعمين لهذه التقاليد التي استمرت منذ ما قبل توليه العمودية عام 1934، واليوم يجتمع الخيالة من مراكز مثل قفط وقوص، وحتى من مناطق بعيدة مثل أبو تشت وسوهاج، مما يضيف بعدًا اجتماعيًا وثقافيًا للمناسبة.
أوضح الباحث التاريخي أحمد الجارد أن الشيخية تشتهر بعشقها للخيل، إذ خرج منها فرسان مشهورون مثل العمدة بغدادي والحاج سقاو، وتعتبر هذه الفعالية فرصة لإحياء التراث وتعزيزه، حيث لا تكاد تخلو عائلة من فارس أو محب للخيول، ويقام الحدث بجهود أهلية تعزز من الروابط الأسرية والمجتمعية.
يحرص القائمون على الفعالية على التواصل مسبقًا مع المشاركين عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي، ليحضر الخيالة مع خيولهم إلى القرية، حيث تبدأ السباقات في ساحة واسعة تليها عروض التحطيب بعد صلاة العشاء، ويقوم الأهالي بإعداد وجبات للمشاركين، مما يعزز الألفة والمشاركة المجتمعية في تنظيم يتم بالكامل بجهود محلية.