لماذا الشيطان لا يتوب ولماذا لم يخف إبليس من الله؟

3 أشهر منذ

كريم احمد الحسيني

لماذا الشيطان لا يتوب ولماذا لم يخف إبليس من الله؟

خلق الله العديد من المخلوقات لحكمة لا يعلمها سواه، ومن هذه المخلوقات كان إبليس الذي عصاه؛ ويسأل البعض لماذا الشيطان لا يتوب؟ ولماذا يعصى الله ولا يخشاه؟ وفي موقع لحظات نيوز نتعرف على سبب عصيان إبليس والحكمة من خلقه، كما سنعرف كيفية الاستعاذة من وساوس الشيطان.

سبب توعد إبليس الناس بالصد عن سبيل الله

لماذا الشيطان لا يتوب ولماذا لم يخف إبليس من الله؟

بدأ عصيان إبليس حين خلق الله عز وجل آدم عليه السلام ونفخ فيه الروح، ليكون آدم أول البشر على الأرض؛ وقد أمر الله ملائكته بالسجود إلى هذا المخلوق الجديد سجود تعظيم واحترام، وليس سجود عبادة.

سجد الملائكة جميعًا مثلما أمر الله، عد الجني إبليس الذي عصا الأمر؛ ولم يكفيه عصيانه، بل قال بكل جحود أنه أفضل من آدم، وذلك لأنه خلق من النار، وليس من الطين مثل آدم.

وفي ذلك قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)، كما قال تعالى: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ).

وهنا غضب الله على إبليس بسبب عصيانه أوامره وتماديه في العصيان بالكبر، فقام بإخراجه من الجنة، وقد توعده بالهلاك في الجحيم ومن يتبعه من بني البشر؛ وفي ذلك يمهل الله الشيطان إلى يوم الحساب.

ومع ذلك، لم يخف إبليس من الله؛ بل توعد بإغواء عباده وصدهم عن سبيله لإبعادهم عن الجنة؛ وفي ذلك قال تعالى: (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ* قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ).

لماذا الشيطان لا يتوب؟

قد يتعجب البعض من إبليس وعصيانه متسائلين لماذا الشيطان لا يتوب، ويجيب العلماء أن هذه المعصية كانت بإرادة إبليس الحرة، وليست بإكراه من أي كان؛ وكان إبليس يهدف في الأصل إلى الانتقام من آدم وذريته.

إن انتقام إبليس يكون بالغواية، وذلك من خلال وسوسة الإنسان لتحريضه على فعل المعاصي وارتكاب الآثام؛ وبذلك يخلد البشر معه في العذاب، ويطردهم الله من جنته كما طرد هو في البداية.

وهنا تأتي الحكمة من خلق الله للشيطان، حيث أمهله الله إلى يوم الدين للأسباب الآتية:

جعل الله الشيطان مثالًا سيئًا للبشر، وقد أمرهم بمخالفته، والاستعاذة من وساوسه؛ بحيث يكون أكثر الناس عبادة لله، أكثرهم بعدًا عن الشيطان.
في قصة عقاب إبليس على عصيانه عظة تجعل المرء يخاف من ذنوبه وما قد تؤدي إليه من هلاك وإبعاد عن رحمة الله عز وجل.
جاء إبليس بعصيانه ليكون عبرة للناس، فالمعصية هي التي تحط من قدر المرء، وتنزل به إلى الهاوية؛ وبهذا يسرع الناس إلى التوبة عند ارتكاب المعاصي.
به يستشعر المرء أهمية الفضيلة، فالمرء لا يشعر بالجمال وقيمته إلا عند رؤية القبح؛ والشيطان في ذلك كان مثالًا للرذيلة.
من خلال قصة إبليس مع الله يستشعر المرء قدرة الله عز وجل، ومعاني أسمائه الحسنى.

كيفية إبعاد وساوس الشيطان

من المعروف أن وساوس الشيطان لا تؤثر في الصالحين بسهولة مثل غيرهم، وذلك لأن العبد الصالح يفعل ما يلي من أجل إبعاد الشيطان وجهاد النفس:

على المسلم عدم التفكير في هذه الوساوس كثيرًا، لكيلا تؤثر عليه.
على المسلم الاستعاذة بالله عند الشعور بهذه الوساوس، لقوله تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
الحرص على الالتزام بالعبادات والأعمال الصالحة قدر الإمكان، وفي ذلك تحدٍ للشيطان.
الحرص على الإكثار من الأدعية والأذكار من أجل تحصين النفس، ومن هذه الأذكار المأثورة: (أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة).
قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين، إلى جانب قراءة سورة البقرة؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة).

هنا نكون قد عرفنا لماذا الشيطان لا يتوب من خلال تناول قصة عصيان إبليس لله عز وجل حين أمره بالسجود لآدم عليه السلام مع الملائكة، وكان في خلق الشيطان حكمة وعظة، كما أشرنا إلى طرق إبعاد وساوس الشيطان وتحصين النفس من غواية الشيطان التي تهدف إلى إبعاد الإنسان عن الجنة.