حكم اخلاف الوعد في الاسلام

3 أشهر منذ

كريم احمد الحسيني

ما هو حكم اخلاف الوعد في الاسلام؟ وما هي الحالات التي يجوز فيها إخلاف الوعد؟ لا شك في أن الإيفاء بالوعود يزيد المحبة ويقوي الروابط ما بين الناس، وهي قيمة أخلاقية عالية، ولكن في بعض الأحوال قد يخلف الوعد، لذلك سنتعرف من خلال موقع لحظات نيوز على حكم إخلاف الوعد في الإسلام والحالات التي يجوز فيها إخلاف الوعد، والحالات التي لا يجوز فيها ذلك،

حكم اخلاف الوعد في الاسلام

إن حكم اخلاف الوعد في الاسلام هو أمر غير جائز وغير مستحب، بل واعتبره الرسول صلى الله عليه وسلم صورة من صور النفاق، حيث روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ” [صحيح البخاري].

لكن من الجدير بالذكر أن إخلاف الوعد له حالات ففي بعض الأحيان يجوز إخلاف الوعد، وفي بعض الحالات لا يجوز ذلك ابدًا، ويبقى ذلك الوعد دين في رقبة صاحبته وعليه تنفيذه وتعويض الطرق الموعود، وسنتعرف على تلك الحالات فيما يلي:

أولًا: الحالات التي يجوز فيها إخلاف الوعد

إن الوفاء بالوعد واجب شرعي على كل مسلم أوجبه القرآن الكريم وأكدت عليه السنة النبوية إلا في بعض الحالات التي سنذكرها فيما يلي:

1- الوعد على فعل محرم أو ترك واجب

حكم اخلاف الوعد لا يجوز الوفاء بالوعد إذا كان الوعد يقتضي على فعل شيء محرم، أو ترك أمر واجبًا عليه، وذلك أمر واجب، ولقد جاء الدليل من السنة النبوية الشريفة عن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه قال:

“كانَ في بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ: أرَادَتْ عَائِشَةُ أنْ تَشْتَرِيَهَا فَتُعْتِقَهَا، فَقالَ أهْلُهَا: ولَنَا الوَلَاءُ، فَذَكَرَتْ ذلكَ لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَقالَ: لو شِئْتِ شَرَطْتِيهِ لهمْ؛ فإنَّما الوَلَاءُ لِمَن أعْتَقَ …” [صحيح البخاري].

في الحديث الشريف دلالة واضحة على أنه لا يجوز أبدًا ترك أمور واجبة أو الوفاء بفعل محرم، حيث أرادت السيدة عائشة رضي الله عنها أن تشتري جارية وتعتقها، فطلب أهلها أن تعتقها ولكن تظل الجارية واليه لهم.

لما أخبرت السيدة عائشة الرسول صلى الله عليه وسلم كان الرد أن الولاء يكون لمن أعتق أي للسيدة عائشة ولا يجوز غير ذلك.

2- الإكراه على إخلاف الوعد

إن الإكراه هو أحد الموانع التي تجيز للمسلم أن يخلف وعده، كمن حبس أو منع أو هُدد بعقوبة مؤلمة إذا أوفر بذلك الوعد، وإخلاف الوعد في تلك الحالة أمر جائر، ولقد جاء الدليل على ذلك من السنة النبوية الشريفة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

“إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ ، و النسيانَ ، و ما اسْتُكرِهوا عليه” [صحيح الجامع].

3- حالة النسيان

في حالة أن شخص وعد شخص آخر ولكنه نسى الوعد، أو نسى الوقت المرتبط بذلك الوعد فلا حرج عليه، ففي تلك الحالة عدم الوفاء بالوعد أمر جائز، فلقد عفا الله عز وجل عن النسيان في ترك واجب أو فعل أمر محرم.

4- وجود عذر طارئ

إن حصول أمر طارئ يعيق الشخص من الإبقاء بوعوده هو أمر جائز وهي قد تتمثل في حالات المرض، والوفاة، أو تعطل وسيلة النقل وغيرها من الأعذار التي تدخل جميعها في نطاق قول الله سبحانه وتعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [سورة البقرة: 286].

ثانيًا: حالات لا يجوز فيها إخلاف الوعد

في سياق الحديث عن حكم اخلاف الوعد في الاسلام يجدر بنا القول إن التراجع عن الوعود أمر ليس من شيم المسلمين، فالأصل هو الوفاء بالوعود، ولقد جاء الدليل على ذلك في القرآن الكريم حين قال الله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [سورة الصف: 3].

من الجدير بالذكر أنه كما يوجد بعض الحالات التي يوجب فيها عدم الوفاء بالوعد، وحالات أخرى يجوز فيها إخلاف الوعد، هناك حالات لا يجوز فيها على الإطلاق أن يخلف فيها الوعد.

فنجد أنه لا يجوز أبدًا التراجع عن وعد قد يتسبب في إلحاق الضرر والأذى بالطرف الآخر، حيث رويّ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: “أن الرسول صلى الله عليه وسلم: قضَى أن لا ضررَ ولا ضِرارَ” [صحيح ابن ماجه].

بالتالي نجد أن التراجع في الوعود التي يترتب فيها ضرر للآخرين أمر لا يجوز، وقد تتمثل تلك الأمور فيما يلي:

التراجع عن الوعود في العقود المالية وذلك لما يلحق الطرف الآخر وأحيانًا الطرفين بأضرار جسيمة.
التراجع عن الوعود عند الهدنة في الحرب، سواء كانت هدنة محددة بوقت معين، أو هدنة مطلقة.

إن الوفاء بالوعود هو شيمة المسلمين، وفي كثير من الأحوال يكون الإخلاف بالوعود وعدم الإيفاء بها أمر غير جائز، أو غير مستحب، لذلك يجب على المسلم ألا يقول ما لن يفعله، وألا يعطي وعود فارغة لأن الله لا يحب من عباده أن يقولوا ما لا يفعلون.