قصة الصحابي ماعز بن مالك مع الرسول صلى الله عليه وسلم

سنة واحدة منذ
كريم احمد الحسيني

ماعز بن مالك هو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله موقف شهير مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وموقفه كان اعترافه بجريمة الزنا وإقامة الحد عليه، وعبر موقع لحظات نيوز سنتعرف على قصة الصحابي ماعز بن مالك بالتفصيل.

قصة الصحابي ماعز بن مالك مع الرسول

قصة الصحابي ماعز بن مالك هي من القصص التي تحتوي على عبرة وعظة، فقد روي أن رجلًا من الصحابة اسمه هزال هو من دفع ماعزًا إلى الاعتراف بجريمة الزنا، فلما اعترف ماعز بالجريمة رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقصة كالآتي:

يروي بريدة بن الحصيب رضي الله عنه فيقول: جاء ‏ماعز بن مالكٍ ‏إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ‏فقال: يا رسول الله ‏ ‏طهِّرني،‏ ‏فقال:‏‏ (وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللهَ وَتُبْ إِلَيْهِ)، قال: فرجع غير بعيدٍ، ثمَّ جاء، فقال: يا رسول الله ‏طهِّرني، ‏فقال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم:‏ (وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللهَ وَتُبْ إِلَيْهِ)..

قال: فرجع غير بعيدٍ ثمَّ جاء، فقال: يا رسول الله ‏طهِّرني، ‏فقال النَّبيُّ ‏صلى الله عليه وسلم ‏مِثْلَ ذلك حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله: (فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟) فقال: من الزِّنا، فسأل رسول الله‏ ‏‏صلى الله عليه وسلم:‏ (أَبِهِ جُنُونٌ؟) فَأُخْبِرَ أنَّه ليس بمجنونٍ فقال: (أَشَرِبَ خَمْرًا؟) فقام رجلٌ ‏فَاسْتَنْكَهَهُ ‏‏فَلَمْ يَجِدْ منه ريح خمرٍ، قال: فقال رسول الله‏ ‏‏صلى الله عليه وسلم: (أَزَنَيْتَ؟) فقال: نعم.

شرح قصة الصحابي ماعز بن مالك مع الرسول

قصة الصحابي ماعز بن مالك مع الرسول صلى الله عليه وسلمإن ماعزًا جاء ليعترف بالزنا ليُقام عليه الحد، جاء معترفًا دون أن يرغمه أحد، لقد جاء تائبًا معترفًا بذنبه يريد أن يتخلص منه في الدنيا قبل حساب الآخرة، وقد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلًا له: طَهِّرني، وقد شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوهلة الأولى أن الرجل قد ارتكب ذنبًا عظيمًا، فلا شكّ أن هذا كان باديًا على وجهه، وعلى نبرات صوته، لكنه مع ذلك لم يسأله عن ذنبه، ولو من باب الفضول.

فأراد أن يتكتم عليه حتى لا يُقيم عليه حدًا، وهذا من رحمته العظيمة ‏صلى الله عليه وسلم، ولكن ماعزًا كان يصر على الاعتراف، واعترف في المرة الرابعة بذنبه، ومع ذلك لم يكن الرسول ينتظر منه الاعتراف ليسجله له كما يحدث كثيرًا.

ولكن راجعه أكثر من مرة ليتراجع، وذلك رحمة به، فسأل عن عقله: هل به جنون؟ فقالوا: لا، فسأل عن شربه للخمر، فمن الممكن قد أذهب عقله فاعترف بما لم يفعل، وحد الخمر أهون من حد الزنا للمحصن، ولكن ماعزًا لم يكن شاربًا للخمر.

وفي روايات أخرى يقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التفت إلى قوم ماعز وسألهم: (أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا)، فقالوا: ما نعلمه إِلاَّ ‏ ‏وَفِيَّ ‏ ‏العقل من صالحينا فيما نُرَى.

وفي رواية أخرى حاول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجد له مخرجًا حتى بعد اعترافه بالزنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له:  (لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ)؟ قال: لا.

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في نفسه من الممكن أن يكون ماعزًا لم يزن حقيقة، ولكنه من الممكن أن تأول بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يُشير فيها أن العين إذا نظرت نظرًا محرمًا فهو نوع من الزنا، وكذلك اليد وباقي الأعضاء الأخرى.

وذلك مثـل قوله ‏صلى الله عليه وسلم: ‏ (إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ ‏آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ).

ثم تمت إقامة الحد على ماعز كما حكمت الشريعة، فتم رجمه بالحجارة.

الدروس المستفادة من قصة الصحابي ماعز بن مالك

في اليوم الذي تم رجم ماعز فيه، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بإلقاء خطبة في المدينة المنورة ليلًا.

لقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة قام فيها بتنبيه الناس إلى أن الموقف المأساوي الذي تعرض له ماعز عندما تم رجمه لا يجب أن يصرف الناس أو يُلهيهم عن الجريمة التي تمت.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته: (‏أَوَ كُلَّمَا انْطَلَقْنَا غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللهِ تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِي عِيَالِنَا لَهُ ‏‏نَبِيبٌ كَنَبِيبِ ‏التَّيْسِ! عَلَيَّ أَنْ لَا أُوتَى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا‏ ‏نَكَّلْتُ ‏‏بِهِ).

في النقطة الأولى طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الناس أن يحكموا عواطفهم بعقولهم، حيث إن الناس يخرجون في عمل نبيل شريف، وهو الجهاد في سبيل الله، دفاعًا عن حقوق الشعب بكامله، وحرصًا على كرامة الأمة بكاملها، فإذا بأناس قد غدروا بهم، ولم يقدروا حرمتهم، فانتهزوا فرصة غيابهم، واعتدوا على أعزِ ما يملكون وهي نسائهم.

وفي النقطة الثانية هو رد فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حول الجدال الذي دار بين الناس بعدها، قول بُريدة رضي الله عنه عنه: فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ (أي في ماعز) قائل يقول: لقد هلك لقد أحاطت به خطيئته. وقائل يقول: ما توبةٌ أفضل من توبة‏ ‏ماعزٍ ‏‏أنه جاء إلى النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏فوضع يده في يده، ثمَّ قال: اقْتُلْنِي بالحجارة..

قال: فَلَبِثُوا بذلك يومين ‏‏أو ثلاثةً، ‏ثمَّ جاء رسول الله ‏‏‏صلى الله عليه وسلم وهم جلوسٌ فسلم، ثمَّ جلس فقال: (اسْتَغْفِرُوا ‏ ‏لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ)، ‏قال: فقالوا: غفر الله ‏لماعز بن مالك، ‏قال: فقال رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم:‏ (لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ).

فمع كراهية النبي الشديدة للفعل الذي قام به ماعز، ونهيه للناس على أن يفعلوا مثله، كان لا يتردد أن يعلن أمام الناس أن الله غفر لماعز، ولا يتردد أن يطلب من الناس أن يستغفروا له.

الزنا جريمة محرمة، لأن بها أذى شديد وهي ذنب عظيم، يجب أن يحذر الناس من أن يقعوا فيها حتى لا تتم معاقبتهم في الدنيا والآخرة، وحتى لا يولد طفل غير شرعي، ويعش متألمًا وهو يعلم أنه لا ذنب له.

آخر الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى