لا غالب في روما ولا منتصر في طهران في صراع التاريخ

رغم محاولات طهران للتأكيد على موقفها القوي في مفاوضات روما مع واشنطن، إلا أن الحقائق الجيوسياسية تشير إلى عكس ذلك، إيران تواجه اليوم تحديات كبيرة بعد تراجع نفوذ حلفائها في المنطقة الأمر الذي ضيق خياراتها، على مدى عشرين عامًا، استطاعت إيران بناء نفوذها عبر محور المقاومة الذي يمتد من طهران إلى بيروت، مرورًا ببغداد ودمشق وصنعاء، لكن هذا المحور لم يعد بنفس القوة.
في العراق، يواجه الإطار التنسيقي ضغوطًا متزايدة من حراك شعبي يسعى لتقليص النفوذ الإيراني، وفي سوريا، تتعزز عودة بعض العواصم العربية، بينما تتعرض المواقع الإيرانية لضغوط إسرائيلية متزايدة دون ردود فعل واضحة، أما في لبنان، فلا يزال حزب الله يمر بفترة حساسة مع تراجع شعبيته وزيادة الضغوط الدولية، أيضًا في اليمن، أصبح الحوثيون ورقة تفاوض أكثر من كونهم قوة ميدانية، ما جعل إيران تبدو عاجزة عن تحقيق مكاسب حقيقية.
في روما، تمسكت إيران بخطاب السيادة النووية دون تقديم تنازلات، إلا أن هذا التصلب ينبع من حاجة داخلية لتشكيل توازن وهمي في ظل وضع اقتصادي هش، ورغم ما تمتلكه من أدوات ضغط، فهي تدرك أنها لا تستطيع التقدم في التصعيد لاستحالة تحمل تبعاته.
الإدارة الأمريكية، رغم مشاغلها العالمية، تدرك وضع إيران غير المريح، لذا تتعامل مع المفاوضات بحذر، الواقع الجيوسياسي اليوم يختلف كثيرًا عن العقد الماضي، ويتطلب من إيران إعادة النظر في مواقفها، التغيرات الإقليمية تعني أن إيران وجدت نفسها في موقع ضعيف تعاني من ضغط داخلي وعليها استيعاب تلك المتغيرات سريعًا قبل أن تضطر لدفع ثمن العناد في مفاوضاتها.