ما هو النسخ في اصول الفقه؟ مفهوم النسخ عند الأصوليين

سنة واحدة منذ

كريم احمد الحسيني

علم الناسخ والمنسوخ من علوم القرآن الهامة التي تستخدم في فهم القرآن الكريم وأحكامه، ويسهل على المسلمين الكثير من الأمور ويختبر الله به العبد إذا كان سيطبق حكم الله وأوامره أم لا، ومن خلال موقعنا لحظات نيوز سنتعرف على مفهوم النسخ عند الأصوليين والمتأخرين،

مفهوم النسخ عند الأصوليين والمتأخرين

لقد اهتم العلماء من الأصوليين والمتأخرين بعلم النسخ كثيرًا نظرًا لأهميته الكبيرة، وجاء النسخ عند الأصوليين بأنه رفع حكم متأخر بآخر متراخ عنه، وعند الفقهاء المتأخرين هو إصدار حكم شرعي له دليل شرعي آخر ولكنه متأخر عنه ويصدره الشارع، والنسخ لغة: هو إعدام الشيء والتخلص منه، أو نقل الشيء من مكانه ولكن دون حدوث تغيير في وظيفته أو حكمه.

أنواع النسخ في القرآن الكريم

هناك العديد من أنواع النسخ في القرآن الكريم التي يتساءل عنها الكثير من المسلمين ويرغبون في التعرف عليها، وسنذكرها لكم في الآتي ذكره:

1- نسخ الحكم مع بقاء الرسم

والمثال على ذلك { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأِزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} ( البقرة 240) هذه الآية تتحدث عن المرأة الأرملة لقد نصت الآية على أن تكون عدتها بعد وفاة زوجها عامًا كاملاً ولا تخرج من المنزل، ولكن إسلامنا دين يسر وليس عسر فنسخ الله هذه الآية بآية أخرى وهي { يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} فلقد خفف الله عنها الحكم وجعل عدة الأرملة أربعة أشهر وعشرة أيام فقط.

2- نسخ الرسم مع بقاء الحكم

هو من أنواع النسخ الذي نسخ ذكره وبقي معناه وقد قال عمر بن الخطاب:

“لقد خَشيتُ أن يطولَ بالنَّاسِ زمانٌ حتَّى يقولَ قائلٌ : ما أجدُ الرَّجمَ في كتابِ اللَّهِ ، فيضلُّوا بتركِ فريضةٍ من فَرائضِ اللَّهِ ، ألا وإنَّ الرَّجمَ حقٌّ ، إذا أُحْصِنَ الرَّجلُ وقامتِ البيِّنةُ ، أو كانَ حَملٌ أوِ اعترافٌ ، وقد قرأتُها الشَّيخُ والشَّيخةُ إذا زَنَيا فارجُموهما البتَّةَ رجمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ورجَمنا بَعدَهُ”

يعتقد البعض أن حكم الرجم جاء في السنة فقط ولكن هذا غير صحيح ومن أكبر الأدلة على ذلك قول الله سبحانه وتعالى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (النساء:25).

3- نسخ الرسم و الحكم معًا

ما هو النسخ في اصول الفقه من الآيات التي تدل على النسخ والحكم معًا الآية التي تتحدث عن حكم الرضاعة لقد كان بداية الحديث عن الرضاع المحرم بأنها عشر رضعات ولكن حدث نسخ اللفظ والحكم معًا فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت:

“كان فِيمَا أُنْزِلُ من القرآن عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ)، ثم نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ من القرآن“ وهذا الحديث صحيح وليس ضعيفًا، فقد ورد في صحيح مسلم وصحيح بخاري.

لقد قسم العلماء الناسخ والمنسوخ إلى ثلاثة أقسام وهم الآتي ذكرهم:

1- نسخ القرآن بالقرآن

لقد تحدث الكثير من العلماء حول نسخ القرآن بالقرآن ومن الأمثلة الدالة على ذلك آيات الخمر فيقول الله تعالى { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس} ( البقرة: 219) لقد كان شرب الخمر عادة لدى العرب قديمًا فعندما جاء الإسلام.

لم يحرم شرب الخمر مرة واحدة إنما تحدث في البداية على أنها لها منافع، ولكن تسبب بعض الأضرار كغياب الإنسان عن الواقع، ثم نسخها بالآية {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه”( المائدة:90) هنا حرم شربها كليًا كما حرم عبادة الأصنام.

2- نسخ السنة بالقرآن

لقد كانت القبلة عندما ظهر الإسلام كان تجاه المسجد الأقصى لكن تم تغيير القبلة أثناء رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الإسراء والمعراج فجاء قول الله تعالى { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144].

3- نسخ القرآن بالسنة

لقد جاءت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لتكمل أحكام القرآن الكريم وتوضيح الكثير من الأمور، فكان رسولنا الكريم يتمتع بالبيان والفصاحة وقول الحق، ولكن اختلف العلماء حول ذلك فهناك من اتفق ومن اختلف، ولكن الرأي الأرجح والأصح هو جواز نسخ القرآن بالسنة

وقد أوضحنا السبب فيما سبق، والدليل القاطع قول الله سبحانه وتعالى { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}.

لقد انتهينا من الحديث عن علم من علوم القرآن الذي يجب على جميع المسلمين إتقانه ومعرفته ليفهموا أمور دينهم فتحدثنا عن مفهوم الناسخ والمنسوخ، وفي سياق حديثنا عرضنا لحضراتكم أنواع النسخ في القرآن الكريم ثم ختمنا قولنا بالحديث عن أقسام الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم.